معالم الطريق
خلق الله البشر وجعلهم خلفاءه علي الأرض بإختيارهم ولذلك أصبح عليهم واجب ضخم وأمانة عظيمة وأصبح الإنسان خليفه الله علي الأرض فأعطاه بعض القدرات العقلية والعاطفية وأعطاه وعي شامل يحتضن العقل والعاطفة في إطار واحد فكان الوعي هو أقدم دليل علي وجود إله ويتكلم القرأن عن هذه الحقيقة فيقول"وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا لغافلين"الأعراف .فكل البشر قد شهدوا بوجود الله جميعا ولكن بقي ذلك في وعيهم وإن نسته العقول والأفهام والله عندما خلق البشر جعل لهم قدرات كما قلت وأعطاهم أنبياء ورسل ووحي حتي يعينهم ويساعدهم علي تحمل مسؤلية عمارة الأرض بالشكل الذي يجب أن يحقق السعادة والهناء للبشر فالله لم يخلق البشر ليعذبهم ولكنهم إختاروا أداء مهمة معينة وهي عمارة الأرض فأعطاهم الله المنهج الذي يحتاجون إليه ليحققوا الهدف من وجودهم ولو نظرنا لهذا المنهج نجده منهج متوازن بطريقة تجعله مثالي للبشر كيف لا والذي وضعه لنا هو الله قال تعالي"ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير" فالله أعلم بالإنسان لأنه سبحانه هو خالق الإنسان فهو أعلم بمن خلق عن المخلوق نفسه ولقد وصل لنا هذا المنهج بصورته النهائية ملخص في القرأن والسنة ليكون العهد الأخير بين الله والإنسان أو ليكون خاتمه المساعدات والتوصيات الإلهية لنا حتي نهاية العالم وهي بالمناسبة أوامر من الله ولكن لنا مطلق الحرية في تنفذيها ولذلك هي بالنسبة لنا توصيات والحقيقة هي إننا مهما بحثنا عن منهج غير هذا المنهج فلن نجد أفضل منه ولكننا لم نري الله من قبل وهنا تتجلي فكرة الثواب والعقاب حيث أن من سينفذ أوامر الله سيعيش حياة رائعة جدا كأكمل ما يعيش البشر حياتهم ثم عند موته يكافئه الله بالجنة لأنه صدق بالله ولم يره وإما من لم ينفذ المنهج الرباني أوالكتالوج الرباني إن جاز التعبير فلن يكون من نصيبة الجنة وإن حاز علي نعيم الدنيا والإنسان في قبوله أو رفضه لهذه التوصيات لن يضر الله في شيء إن رفضها أو قبلها والتجربة أثبتت أنه عند تطبيق هذه التوصيات الربانية كيف تكون النتيجة وتخبرنا كتب التاريخ كيف كان حال العرب قبل الإسلام وكيف أصبح حالهم بعد الإسلام وقارنوا بين العرب قبل الإسلام وبعد مضي فترة خمسين عام علي ظهوره لتعلموا بأنفسكم الفرق وما الذي حدث وماذا كان مصدر هذه الطاقة التي صنعت حضارة من أعظم الحضارات التي عرفها العالم
معا علي الطريق
إن المنهج الرباني هو منهج ينظم كل مجالات الحياة فلم يدع صغيرة ولا كبيرة إلا وقد أوضح لنا كيف يمكن أن نأديها علي الوجه الذي يحقق لنا السعادة حتي الدخول والخروج من الحمام عندنا فيه توصيات إلهية فالله سبحانه وتعالي لم يكن ليجعلنا نحمل أمانة لسنا مستعدين لها ولذلك أعطانا العقول والقلوب حتي يجعلنا أهلا لنحمل هذه المسئولية فبدءت البشرية تعمل وتتكاثر وتطور معيشتها ومرت العصور وعندما جاء المنهج الرباني لينظم حياة البشر كان يجب أن يطبق علي حياتهم و يكون دين حيوي بمعني الكلمة فلا يكون الهدف منه مجرد التركيز علي الطقوس والعبادات وإنما كان الهدف من هذه العبادات تحسين الأخلاق ونقل السلوك البشري من الهمجية إلي الرقي والتحضر و تنظيم كل ما سار فيه البشر من سبل وطرق بنظم إلهيه من الخالق تستمر وتدوم إلي نهاية العالم ولذلك كانت الشريعة الإسلامية مناسبة لكل زمان منذ نزولها حتي أخر أيام العالم ولكن من المعروف إن حياة البشر تطور وتتغير مع مرور الزمن ولذلك لم نسمع يوما أن الإسلام يحتوي علي نظام سياسي أو نظام إقتصادي معين إنما مجرد توصيات وذلك لأن هذان المجالان لا يمكن أن يحكمهما قانون واحد علي مر السنوات فوضع الإسلام إطار مادمنا إلتزمنا به فنحن نطبق شرع الله ومن هنا إنقسمت أحكام الشريعة إلي أحكام ثابته لا تقبل التغيير وأخري تتغير حسب حاجة الناس عبر الأزمان ولكن أيمكن أن يأمرنا خالقنا بأن نكون همجيين أو متخلفين لا أظن فنحن نري رحمة في كل ما في الطبيعة بين الحيوانت والطيور فلماذا نكون نحن الخارجين الوحيدين عن هذه النظام والإسلام هو دين المحبة والسلام وليس ذلك إلا لأنه صادر من رب العالمين ولا أعلم كيف فهم هؤلاء الإرهابين الإسلام بهذه الصورة وقاموا بقتل من يخالفوهم في العقيدة والتصور بل وأحيانا قتلوا من يوافقوهم في الإعتقاد إيضا ولكن لو دققنا لو جدنا إن ظهور هذه الأمثلة هو مجرد نتاج لحالتنا التي تعيشها أمتنا الأن وكما قلت من قبل إن الإسلام دين معاصر فهو دين لكل العصور وليس مقصورا علي زمن محدد ونحن نري الإسلام العصري يريد ان يشق شارعا ثقافيا اخر ويرسى قيما اخرى فى التعامل ونماذج اخرى من الفن والفكرإسلام يريد ان ينهض بالعلم والإختراع والتكنولوجيا ولكن لغايات اخرى غير التسلط والغزو والعدوان والسيطرة بل من أجل العمل للمزيد من السعادة والخير والنماء للبشرية جمعاء وكمثال قصة سيدنا يوسف في القرأن الكريم فالإسلام العصري هو الإسلام الذى يتجاوز الاصلاح الفردى الى الاصلاح الإجتماعى والاصلاح الحضارى والتغير الكونى ولهذا كان هناك ما يعرف بغزوا ت وحروب الصحابة فالهدف منها كان إيصال الدعوة للناس والتي يمنع الحكام غالبا من وصلوها للناس وفي العصر الحديث لو سمحت الدول بدخول الدعاة المسلمين لدولها وقيامهم بالدعوة بحرية تامة فهذا يلغي دور الجيوش ولكن هذا لم يكن يحدث من قبل فكان يجب الدفاع عن الدعاة ونحن لم نسمع أن أحد قد أجبر علي الدخول في الإسلام
أخر خطوة
الشريعة والحدود هي أخر خطوة علي الطريق وهي السور الذي يحمي مجتمع مؤمن وناجح ومتفوق من كل شر وجريمة يحميه بسلطة القانون من تفشي الأمراض وإنتشار الأوبئة الإجتماعية المهلكة التي قد تخدش نقاء وطهر مثل هذا المجتمع ولكل مجتمع السور الخاص به والذي يناسب طبيعته وخصائصه ولما كان الله هو الذي وضع لنا أسس المجتمع الإسلامي فكان هو أيضا من وضع لنا السورالذي يحميه ويحيط به فلو تخيلنا الشريعة علي إنها شكل هرمي كانت الحدود هي قمة الهرم مع الأخذ في الإعتبار أن الهرم أول ما سيبني منه هو قاعدته وليس قمته ولو قمنا ببناء القمة قبل القاعدة لأصبحت القمة أشبه بعائق أو مطب في طريق الناس ولا يأخذ الهرم شكله الهرمي الجميل إلا إذا تم بناءه بطريقة صحيحة وهذا هو الخطأ الذي وقعت فيه أغلب الحركات الإسلامية حين طالبت بتطبيق الشريعة علي مجتمعات غير مستعدة لذلك فالهرم تبني فيه القاعدة أولا ثم تتوالي درجاته حتي تصل إلي القمة والمراد أنه لابد أن يواكب تطبيق الشريعة مناخ إجتماعي نظيف للشباب ونظام إسلامي عادل لتوزيع الثروات وتشغيل الأيدي العاطلة أما أن نطبقها علي مجتمعا ليس أهلا لها فهذا ظلم لها قبل أن يكون ظلم لنا فلو طبقت الشريعة الأن فلن يكون التغيير إلا تغيير ظاهري فقط ووضع للمزيد من القيود علي المواطن العربي المسلم وكل ما علينا فعله الأن أن يطبق كل منا الشريعة علي نفسه فالشريعة ليست مجرد حدود وإنما هي إيضا رحمة وعدل وتسامح ومحبة فلو طبقها كل منا علي نفسه وبدأنا نبني قاعدة الهرم ثم تدرجنا أعلي فأعلي فستكون هناك حتما قمة وإلا فلا يمكن بناء القمة فقط بدون أساس ونحن دائما نتمني وجود القمة ليس لذاتها ولكن لأنها إذا وجدت فمن المؤكد أن الهرم قد إكتمل بناءه ونطالب دائما بتطبيق سور الشريعة لأن واضعه هو الله الحي الأول الأخر وليس شرع بشري من وضعه قد مات وولي زمنه.