Thursday, September 25, 2008

خرافة الإصلاح الديني



الإصلاح لا يصدق إلا علي الشيء المعطوب أو التالف حسب درجة تلفه فإن قلت إني سأصلح حياتي مثلا فهذا يعني إن خطب ما قد أصابها
ولا يعني إنها في حالتها الطبيعية ومن ثم فهي في حاجة لإصلاح وفي ضوء ما أسلفت أقول عندما نقول إصلاح ديني ونريد بالدين الإسلام فنحن أمام تفسيرين لا ثالث لهم لهذه المقولة وقبل أن أذكر التفسيرين يجب أن أوضح ما هما الفريقان الذان سيتبني كل منهم إتجاه دون الأخر وتفسير غير الأخر

يري البعض أن حال المسلمين الأن نتج عن شيخوخة الإسلام كفكر وكنظام للحياة وأنه كان يمثل مجرد تطور في حياة البشرية له ما له وعليه ما عليه وهؤلاء في الغالب يقرون ببشرية الإسلام إي أنه لم يكن ناتج من وحي من السماء وبناءا علي ذلك يكون الإصلاح الديني من وجهه نظرهم بتنحيه الإسلام من شتي مناحي الحياة والإبقاء عليه كعلاقة بين الفرد وكيان هلامي يدعوه إله وهؤلاء في الغالب يكونوا من غير المسلمين ولكن المدهش في الأمر فعلا أن تجد بعض المسلمين ينتمون لنفس الإتجاه ربما يكون ذلك لرؤيتهم المغلوطه للدين فهم يعتبروه مجرد علاقة بين العبد وربه المشكلة الحقيقة هنا أن الدين لو كان مجرد علاقة بين العبد وربه لما كان من وجوده فائدة وطائل فالرسالة السماوية نفسها لو لم يكن الهدف منها هو سعادة بني أدم لم يكن منها جدوي وكيف يمكن أن تسعد البشرية وتوفر لها الرخاء وهي محصورة في مجرد حركات رمزية وشعائر روحية لا علاقة لها بالحياة ولا بمجرياتها أذكر أني قرات تعليقا لأحد الملحدين ردا علي أحد العلمانيين العرب وكان يتفق معي في أن الرسالة السماوية لو يكن لها علاقة بحياة البشر لما كان لها فائدة


كان هذا هو رأي الفريق الأول والذي أعتبره رأي خرافي فأنا أعتبر أن الإسلام منزل من خالق قادر وبناءا علي ذلك لا يجوز أن يكون به عطب أو تلف وإلا نقض ذلك في إحتماليه وجود هذا الإله من الأساس ولربما أعتبر الإله نفسه خرافة ولذلك فانا أري وبما أني مقتنع- ومستعد لمناقشة أي صاحب رأي يخالفني - أن ديني كتشريع وكنظرية ليس به خطأ فأصحاب دعوي الإصلاح الديني بهذا المفهوم إنما يدعون لخرافة ففكرة أن يكون بديني خطأ تعتبر خرافة بالنسبة لي كما تتعتبر فكرة وجود إله بالنسبة لأصحاب هذا الإتجاه خرافة


أما عن الفريق الثاني والذي أتبني رؤيته فهو يعزي أسباب وصول المسلمين لما وصلوا له الأن لأسباب ومؤثرات خارجية لا يسمح السياق الأن بعرضها ولكنها إيا كانت فهي لم تنتج بصورة أوبأخري من أصل التشريع وصلب الإسلام والإصلاح الديني يكون المراد به هنا هو إصلاح الثقافة الدينية نفسها وهذا الإصلاح ينقسم قسمين القسم الأول هو جانب التأصيل وهو يعني إحياء ما أندثر من أصول الإسلام وتغيير الأفكار التي علقت بالدين وليست من أصله في شيء ولربما كان يمثل هذا الإتجاه السلفية علي الأقل في مجال العقيدة الإسلامية نفسها دون الخوض في النموذج السلفي المعاصر الذي ربما يراد به المملكة العربية السعودية أما القسم الثاني وهو ما يجب أن يضاف للثقافة الدينية من أفكار والتي يجب ألا تتعارض مع أصول الدين نفسه وربما مثّل هذا الإتجاه بعض الدعاة أمثال الدكتور طارق سويدان مثلا وهذا القسم يعتمد تفعيله علي مدي مرونة هذا الدين ومدي قابلية أحكامه علي التعامل مع مستجدات العصر ومتطلباته فإذا كان هذا الدين متصفا بهذه الصفات أصبح من السهل دخوله في عملية إصلاحية يعتمد المدي الزمني اللازم لها علي مدي توفر الكوادر التي يمكنها القيام بهذه العملية ومساحة الحرية التي تعطي لهم وعلي مدي تقبل عامة الناس لهذه العملية وفي الحقيقة إن المسمي الذي أذهب إليه وأعتقد أنه يعبر فعلا عن عملية الإصلاح الديني الذي أقصده هو إصلاح الثقافة الدينية وليس الإصلاح الديني ليكون من الواضح أن المراد من هذه الحركة هو مجرد تغيير أفكار وتصور المؤمنيين عن الدين بما يسمح به الشرع ولا يتناقض معه